يمكنك التنقل عبر جميع المواضيع أسفل الصفحة في الجانب الأيمن


عرضته في جريدة أهالينا

الكتاب: العمق الاستراتيجي ـ موقع تركيا ودورها في الساحة الدولية

المؤلف: أحمد داود أوغلو ـ وزير خارجية تركيا

الترجمة: محمد جابر ثلجي ـ طارق عبد الجليل

الناشر: مركز الجزيرة للدراسات ـ الدار العربية للعلوم "ناشرون"

الكتاب هو فكرة أساسية وهي اعادة تعريف السياسة الخارجية التركية وفق ما سماه أوغلو بمبدأ "العمق الاستراتيجي" وتتحدث الفكرة على أهمية العلاقات الدولية لتركيا من موقعها الجيو ـ استراتيجي وعمقها التاريخي، ومن منطلق العمق الجغرافي، حيث يرى أوغلو أن تركيا دولة مركزية ولا بد من النظر إليها ليس من موقع الوسيط ولا دولة طرفية أو دولة عادية تقع على حافة العالم الاسلامي أو الغربي، وإنما كدولة مركز بالنسبة إلى موقعها الجغرافي حيث يتحدث عن هذا في كتابه "إن جفرافيا تركيا تعطيها حالة دولة مركزية فريدة تختلف عن الدول المركزية الأخرى ، على سبيل المثال: تعتبر ألمانيا دولة مركزية في أوروبا وأسيا لكنها بعيدة جغرافياً عن أوروبا وافريقيا، وبنظره أوسع فإن تركيا تحتفظ بالموقع الأفضل في ما يتعلق بكونها دولة أوربية وأسيوية في الوقت نفسه، كما أنها قريبة من افريقيا أيضاً عبر شرق البحر المتوسط، ومن ثم فإن دولة مركزية تحتفظ بموقع متميز كهذا لا يمكن لها أن تعرف نفسها من خلال سلوك دفاعي، ويجب النظر إليها كدولة جسر تربط نقطتين فقط ولا دولة طرفية، أو كدولة عادية تقع على حافة العالم الاسلامي أو الغربي"

وفي كتابه يحدد أوغلو رؤية جديدة لعلاقة بلاده مع العالم الاسلامي، فهو من جهة يعمل على تدشين العلاقات مع هذا العالم ليس من منطلق أيديولوجي أو ديني، انما من منطلق الابتعاد عن هذه الأيديولوجيات، فتركيا ليست الدولة العثمانية بما كانت تحمله في السابق من مخزون امبراطوري وسلطاني، انما تبحث اليوم عن شراكة استراتيجية وثقافية واقتصادية مع اطلالتها الشرقية، مع تعزيز علاقاتها مع الدول الكبرى وفي مقدمتها امريكا والاتحاد الأوروبي.

والخطوط التي صاغها أوغلو في العلاقة مع العالم الاسلامي تحدد أهم القضايا وطبيعتها والدور الذي يمكن لأنقرة القيام به، ما يؤدي إلى تعزيز نفوذها على المستويات كافة في العلم الاسلامي عبر الاستفادة من عمقها التاريخي والجغرافي والثقافي في المنطقة.

ومن خلال قراءتي للكتاب لاحظة أن عمق وزير الخارجية التركي الاستراتيجي بالنسبة إلى العالم الاسلامي، تخالطه أضغاث عروبية تظهر حينا وتختفي حينا، بمعنى أن تركيا تنتهج طريقا وسطيا بين الشرق والغرب وهي نجحت في ذلك، لكن علاقتها مع الاتحاد الاوروبي تبقى الأهم بالنسبة إليها، حتى لو اتجهت شرقا نحو العالم الاسلامي.