يمكنك التنقل عبر جميع المواضيع أسفل الصفحة في الجانب الأيمن


"الكتاب: دكتور جيفاكو "الرواية الفائزة بجائزة نوبل عام 1958"
المؤلف: بوريس باسترناك
الناشر: مكتبة نوبل
 عرضته بأخبار يوم بيوم
رواية استطاع فيها الكاتب والشاعر الروسي بوريس با سترناك بذكائه وموهبته الأدبية الربط المنطقي السلس بين ثلاث عناصر مهمة في حياة المجتمع البشري، هي: الفلسفة والأدب والطب، وجميعها تٌعتبر كلاً متكاملاً بالنسبة إليه، ففي كل منها مجال للتعبير عن حبه واحترامه الحياة في كل الميادين.

باسترنك غير عقائدي وغير منطقي، لكنه يتوق إلى العادلة ويقدر الخبرة الحسية ويفضلها على تلك العقائدية أو النظرة المنطقية للأمور، ويكرر نظرته إلى العالم في سرد الرواية.

الرواية إجتماعية تصف الحركات المؤيدة للثورة والمقاومة لها أبرع الوصف وأشده تفصيلاً، وفيها حضور كبير للجانب الإنساني على الرغم من أنها مليئة بأعمال العنف والقسوة والقتل التي رافقت الثورة الروسية آنذاك، فقد بقي الطبيب يوري جيفاكو إنساناً بكل معنى الكلمة، يقوم بواجبه الإنساني كطبيب ويحب ويعشق ويسعد حبيبته.

من أشد لحظات هذه الرواية موتاً و دموية هي آثار الحرب في حياة المدنيين المعنوية والمادية، وتصوير عمل الفتيان في الميدان وبلاءهم في الحرب، حين تتقدم الجيوش الروسية وتضطر إلى التقهقر، وفي أثناء ذلك تحدث الثورة عام 1917 فيصف باسترناك صدى هذه الثورة في الجيش واضطراب الجند وضباطهم، بين مصمم على القتال ومؤثر للسلم، حتى إذا وصلت أوامر الثورة إلى الجيش زاد اختلافهم وتفرقهم، ثم يكون الصلح الذي انفردت به روسيا من دون حلفائها، ولكن الثورة قد أثرت في  حياة الجنود المحاربين، وحياة المدنيين القلقين، وإذا بالأمور كلها تشتد أشد الاختلاط و الناس بين مؤمن بالثورة ومخلص لها ومنكر لها وجريء على الإنكار ومشفق على الثورة ويخشى مقاومتها.

بسبب الانتقاد الشديد الموجه للنظام الشيوعي، لم يجد باسترناك ناشراً يرضى بنشر الرواية في الاتحاد السوفيتي، لذلك فقد هُرِبت عبر الحدود إلى إيطاليا، و نشرت في عام 1957، مسببة أصداء واسعة، رغم أن أحداً من النقاد السوفيت لم يكن قد اطلع على الرواية إلا أنهم هاجموها بعنف، بل و طالبوا بطرد باسترناك.

لم تكن الرواية  تمس النظام الاشتراكي في جوهره، بل تمس بعض الجوانب التطبيقية فيه، إلا أن اتحاد الكتاب السوفييت قرر بالإجماع عدم نشر الرواية، وصرح سكرتير الاتحاد أنها تثير الشكوك حول صحة ثورة أكتوبر.. وعندما صدرت الرواية في إيطاليا شَن نيكيتا خروشوف السكرتير العام للحزب ورئيس الدولة آنذاك حملةً شعواء على باسترناك ونعته بـ "شرس الأخلاق" و"الخروف الأجرب"

وفازة رواية دكتور جيفاكو بجائزة نوبل عام 1958 مما أثار غضب النظام السوفيتي لاعتباره إياها استفزازاً له من قبل الغرب، فأجبر باسترناك على رفض الجائزة، حيث استدعت أمانة اتحاد الكتاب الروسي  باسترناك وطلبت إليه رفض جائزة نوبل، بحجة أنها ضربة سياسية موجهة ضد الاتحاد السوفييتي، ولم يبق أمام باسترناك بعد ذلك إلا أن ينفذ، ثم أصدرت أمانة اتحاد الكتاب في نفس العام قراراً يقضي بطرد باسترناك من عضويته، ووجهت لجنة اتحاد كتاب موسكو نداءً إلى الحكومة تطلب فيه نزع الجنسية عن "الخائن" بوريس باسترناك... ثم استدعته اللجنة المركزية للحزب الشيوعي وعرضت عليه مغادرة الوطن، إلا أنه رفض ذلك العرض، فأوقف نشر أعماله وفُرض حظر عليه وتُرك من دون راتب وعاش الكاتب معزولاً إلى حين وفاته عام 1960 بعمر 70عاما

حولت رواية جيفاكو إلى فيلم سينمائي ملحمي عام 1965 من إخراج ديفيد لين، بطولة عمر الشريف وجولي كريستي، حصد الفيلم خمسة جوائز أوسكار، ويعد ثامن أنجح فيلم على مستوى شباك التذاكر العالمي، وفي عام 1987 أعيد الاعتبار للكاتب والرواية وتمت طباعتها في روسيا.