يمكنك التنقل عبر جميع المواضيع أسفل الصفحة في الجانب الأيمن


عرضته في موقع اتحاد الشباب وجريدة مصر القديمة


الكتاب: حلف المصالح المشتركة

"التعاملات السرية بين إسرائيل وإيران والولايات المتحدة الأمريكية"

المؤلف: تريتا بارزي

الترجمة: أمين الأيوبي

الناشر: الدراسات العربية للعلوم "ناشرون"

كتاب مهم جداً للباحث وخبير السياسة الخارجية الأمريكية تريتا بارزي، الذي يتحدث فيه عن طبيعة العلاقات السياسية التي قامت بين طهران وتل أبيب قبل الثورة الإسلامية وبعدها، والذي يشير فيه إلى التحول النوعي الذي طرأ على هذه العلاقات منذ تأسيس الدولة الإسلامية في إيران، حيث الخطاب الإيراني الرسمي أعلن معاداته لإسرائيل، ولكن هذا لم يمنع تداخل المصالح الاستراتيجية والأيديولوجية بين الطرفين، فمن جهة عملت إسرائيل على عرقلة النفوذ الإيراني في منطقة الشرق الأوسط ووقفت في أمام أي حوار إيراني أمريكي، بسبب المللف النووي وملفات إقليمية أخرى، ومن جهة ثانية حاولت طهران تعميق نفوذها، سواء بعرقلتها مسار المفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية، أو بدعمها حركات التحرر وفي مقدمتها حزب الله، كما يسلط الضوء على المقاربة التاريخية للعلاقات الإيرانية الإسرائيلية قبل الثورة، والتي تبدو من الناحية الاستراتيجية أقل تناقضاً، خصوصاً على مستوى التنافس على النفوذ في المنطقة، حيث يشرح المؤلف هذا الموضوع في فصل كامل تحت اسم "تحولات أيديولوجية واستمراريات جيو سياسية" كما يشير إلى طبيعة الخطاب السياسي الإيراني الرسمي الموجه إلى إسرائيل، والذي يوضع في مقام العدو الأول لإيران، حيث يلاحظ أن هذا الخطاب تتحكم فيه الازدواجية والتناقض من غير أن يؤدي إلى إلغاء المصالح السرية المشتركة بين البلدين، وهذا يعني أن هناك حلقة خفية تجمع بينهما وتمر عبر أمريكا.

ويشير الكاتب بأن أمريكا خسرت الكثير من رهاناتها السياسية بسبب التنافس بين إيران وإسرائيل في تقاسم النفوذ في الشرق الأوسط، وتحاول المواءمة بين متناقضين، وهذا أفقدها عناصر قوتها لاسيما بعد فشلها في العراق، وتعميق إيران نفوذها فيه، وأبرز ما يعبر عن هذا الدور، الدور الذي تقدم به مستشار الأمن القومي الأمريكي الأسبق "بريجنسكي" الذي قال:(إن هذا الكتاب هو دراسة ثاقبة ومثيرة، وفي الوقت المناسب تماماً تفك ألغاز كيفية تلاعب كل من إيران وإسرائيل بسياسة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، على الرغم من أن العلاقات بين الطرفين تراوحت بين التواطؤ السري والتصادم العلني).

وبصرف النظر عن النتائج التي توصل إليها بارزي وتحديداً ما يتعلق بقنوات الاتصال غير المعلنة بين الدول الثلاث، إلا أنه يقدم مادة تاريخية مهمة للعلاقات الإيرانية الإسرائيلية قبل الثورة، وفي هذا السياق يلفت المؤلف إلى الزيارة التي قام بها بن غوريون لإيران عام 1961 والتي بقيت سرية، إلى أن تم الاعلان عنها لاحقاً، ونوه المؤلف كيف أن الشاه دعم إسرائيل بالنفط في حرب اكتوبر 1973

وبرأيي أن الكتاب لا يعتمد فقط على النسق التاريخي، بل يحتوي على عدد من المؤشرات الجيو استراتيجية "دراسة الموقع الإستراتيجي للدولة أو المنطقة الإقليمية ومدى تأثير هذا الموقع في العلاقات السلمية والحربية"

التي جمعت إيران ما قبل الثورة مع إسرائيل لجهة المصالح المتبادلة، كما ترتكز أهميته على الوثائق التي اعتمد عليها الكاتب، الذي يعتبر من أهم الخبراء الاستراتيجيين الذين كانوا قريبين من صناع القرار في أمريكا وإسرائيل.